چکیده

لقد حثَّ الإسلام على الزواج؛ وفقًا لنظام التکوین وإشرافه بالغرائز الجنسیه الکامنه فی الإنسان، فضلًا عن تشجیع الشباب على الإسراع بالزواج، فإنَّ النواه الأولی والأصلیّه لمؤسسه الأسره تتشکَّل فورَ إنشاء عقد زواجٍ بین شابَّین، وهاهنا تُثار الأسئله الأُولى حول کیفیّه تنظیم العلاقات بین الرجل والمرأه، أسئلهٌ کما إذا کان جوهر الأسره یحتاج إلى مدیر، أو لا؟ ومن یجب أن یکون ربّ الأسره إذا لزم الأمر؟ وما معاییره؟ وماذا ستکون عواقب وآثار تسلیم إداره الأسره لأحد منهما (رجل أو امرأه)؟ وعشرات الأسئله الأخرى من هذا القبیل. لقد شرح الإسلام مسأله إداره الأسره والوصایه علیها بحکمه ومراعاه المصلحه، ولم یترک هذه الأسئله الأساسیّه دون إجابه؛ إذ لا یمکن تخیّل مدی الأضرار والأزمات التی کانت ستحدث فی بیئه الأسره ودائره الزواج لو ظلّ هذا الأمر غامضًا فی التعالیم الدینیّه ولم یتمّ تحدید مهمّه إداره شؤون الأسره. وردًّا على هذه الأسئله والتحدّیات الأساسیّه، تحدَّث القرآن الکریم عن قیومیّه الرجل على المرأه، واقترح طرقًا لحلّ أزمه النشوز من خلال شرح أسباب هذا الحکم، کما ورد فی الآیه الکریمه: { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ* وَ[کذلک] بِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَیْبِ [أسرار أزواجهن] بِمَا حَفِظَ اللهُ [لهنَّ من أجر]* وَاللَّاتِی تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ [أوّلًا]* وَ[من ثمّ] اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَکُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَیْهِنَّ سَبِیلًا إِنَّ اللهَ کَانَ عَلِیًّا کَبِیرًا }. [1] وقد نوقشت فی هذه الآیه (القیّومیّه علی الأسره وإدارتها) کأحد أهمّ موضوعات الأسره، ولما کانت العائله والمواضیع المتعلّقه بها تحمل أهمّیّه خاصّه لجمیع شرائح المجتمع، فیمکن اعتبار هذه الآیه من أکثر الآیات الاجتماعیّه فی القرآن، وفی الوقت نفسه أکثر الآیات إثارهً للجدل فی مجال الأسره. تسعى هذه المقاله - استنادًا إلی ما ورد فی الجزء الأوّل من الآیه أعلاه - للإجابه على هذه الأسئله الثلاثه: ما مفهوم القیّومیّه؟ ولماذا من الضروریّ وجود قیّم فی الأسره؟ هل تشمل قیّومیّه الرجل على المرأه مجالاتٍ اجتماعیّهً أخرى خارج نطاق الأسره؟ ما فلسفه تفویض قیّومیّه المرأه إلی الرجل؟ للإجابه على هذه الأسئله، نقوم أوّلًا بدراسه آراء المفسرین، ثمّ نبیّن رأینا المختار فی المسأله.   [1]. النساء: 34 .

تبلیغات